أمهات المؤمنين : السيدة عائشة بنت أبى بكر رضى الله عنها

اسمها ونسبها
هى السيدة عائشة بنت الإمام الأكبر الصديق أبي بكر ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى القرشية التيمية المكية النبوي أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم - أفقه نساء الأمة على الإطلاق
وأمها : هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس ابن عتاب بن أذينة الكنانية وأم روومان من الصحابيات الجليلات وكانت قد تزوجت في الجاهلية من عبد الله بن الحارث الأسدى فولدت له الطفيل ثم توفى عنها فخلف عليها أبوبكر فولدت له عائشة وعبد الرحمن وهاجرت إلى المدينة بعد أن استقر مقام الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه بها فلما توفيت في حياة الرسول بعد حادثة الإفك نزل صلى الله عليه وسلم قبرها واستغفر لها
كنيتها : تكنى بأم عبد الله - بابن أختها عبد الله بن الزبير - عن عائشة رضى الله عنها قالت : لما ولد عبد الله بن الزبير أتيت به النبى فتفل في فيه فكان أول شىء دخل جوفه وقال : هو عبد الله وأنت أم عبد الله فما زلت اتكنى بها وما ولدت قط
ولطت رضى الله عنها بعد البعثة بأربع سنين أو خمس سنين على اختلاف فهى ممن ولد في الإسلام وكانت تقول : لم أقل أبوي إلا وهما يدينان الدين
تزويجها بالنبي صلى الله عليه وسلم
تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت بكراً وهي الوحيدة من بين نسائه الطاهرات فلم يتزوج بكراً غيرها
فعندما ذكرت خولة بنت حكيم السلمية للرسول اسم عائشة بنت أبي بكر تفتح قلبه لصلة تؤيد ما بينه وبين أحب الناس إليه من صحبه وقربى تربطهما معاً برباط المصاهرة الوثيق
ووتحدث خولة بنت حكيم عن مسعاها في هذه الخطبة فتقول : عن عائشة رضى الله عنها قالت : لما ماتت خديجة جاءت خولة بنت حكيم إمرأة عثمان بن مظعون إلى رسول الله قالت : يا رسول الله ... ألا تتزوج ؟ قال : ومن ؟ قالت : إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً . فقال : من البكر ومن الثيب ؟ قالت : أما البكر فابنة أحب الخلق إليك : عائشة بنت أبى بكر وأما الثيب سودة بنت زمعة قد أمنت بك واتبعتك .. قال : فاذكرينى عليهما .. قالت : فدخلت بيت أبى بكر فوجدت أم رومان أم عائشة فقلت لها : أي أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت : وما ذاك ؟ أجابت : أرسلني رسول الله أخطب له عائشة .. فقالت انتظري أبا بكر فإنه آت .. وجاء أبوبكر فقلت له يا أبا بكر ماذا ادخل الله عليك من الخير والبركة ؟ أرسلني رسول الله أخطب عائشة .. قال : وقد ذكر موضعه من الرسول وهل تصلح له ؟ .. إنما هي ابنة أخيه .. فرجعت إلى رسول الله فقلت له ذلك .. فقال : ارجعي إليه فقولي له : أنت أخي في الإسلام وأنا أخوك وبنتك تصلح لي ... فأتيت أبا بكر فذكرت له فقال : انتظرينى حتى أرجع .. وقالت أم رومان تجلو الموقف للخاطبة : إن المطعم بن عدي كان قد ذكر عائشة على ابنه جبير ولا والله ما وعد أبوبكر شيئاً فأخلف . فدخل أبو بكر على مطعم وعنده إمرأته أم جبير وكانت مشركة فقالت العجوز : يا ابن أبي قحافة لعلنا إن زوجنا ابننا ابنتك أن تصبئه وتدخله في دينك الذي أنت عليه . فلم يرد أبو بكر بل التفت إلى زوجها المطعم فقال : ما تقول هذه ؟ أجاب : إنها تقول الذى سمعت . فخرج أبوبكر وقد شعر بارتياح لما أحله من وعده وعاد إلى بيته فقال : قولي لرسول الله فليأت . فمضت خولة إلى رسول الله فدعته فجاء بيت صديقه أبى بكر فأنكحه عائشة وهي يومئذ بنت ست سنين أو سبع وعنها رضى الله عنها قالت :تزوجنى رسول الله وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في دار الحارث بن الخزرج فوعكت فتمزق شعري فوق جميمه فأتتنى ام رومان وإني في أرجوحة مع صواحب لي فصرخت بي فأتيتها ما أدرى ما تريد منى فأخذت بيدى حتى وقفتنى على باب الدار وإنى لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئاَ من ماء فمسحت به وجهى ورأسي ثم أدخاتني الدار وإذا نسوة من الأنصار في البيت .. فقلت على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتنى إليهن فأصلحن من شأني فلم يرعنى إلا رسول الله ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين
قال أبو عمر : كتن نكاحه صلى الله عليه وسلم لعائشة فس شوال وابتناؤه بها في شوال وكانت تحب أن تدخل النساء في أهلها وأحبتها في شوال على أزواجهن . وكان زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة لرؤيا رها في المنام فعن عائشة رضى الله عنها قالت : قال لي رسول الله "أريتك في المنام يجيء بك الملك فى سرقة فقال لي : هذه إمرأتك فكشفت وجهك فإذا أنت هي فقلت إن يك خير من عند الله يمضه

ما زلنا مع السية عائشة رضى الله عنها
مناقبها رضى الله عنها
كانت السيدة عائشة رضى الله عنها إمرأة بيضاء جميلة ومن ثم يقال : الحميراء ولم يتزوج النبي بكراً غيرها .. كانت رضى الله عنها من أفقه النسائ مطلقاً . يقول الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء : ولا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا فى النساء مطلقاً إمرأة أعلم منها .. وكانت أحب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضلهم إلا خديجة
وحبه صلى الله عليه وسلم لعائشة كان أمراً مستفيضاً ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقرباً إلى مرضات رسول الله .. فعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها : أن نسائ رسول الله كن حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواجه . وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله عائشة فإذا كانت عند احدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله أخرها حتى إذا كان رسول الله في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول الله في بيت عائشة فكلم حزب أم سلمة فقلن لها : كلمى رسول الله يكلم الناس فيقول : من أراد أن يهدى إلى رسول الله هدية فليهدها حيث كان من بيوت نسائه فكلمته أم سلمة بما قلن فلم يقل لها شيئا فسألنها فقالت ما قال لي شيئا فقلن لها فكلميه قالت فكلمته حين دار إليها أيضاً فلم يقل لها شيئاً فقالت ما قال لي شيئا فقلن لها فكلميه قالت فكلمته حين دار إليها أيضاً فقال لها : لا تؤذينى في عائشة فإن الوحى لم يأتنى وأنا في ثوب إمرأة إلا عائشة فقالت : أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله فأرسلت إلى رسول الله تقول : إن نسائك ينشدنك العدل في بنت أبى بكر فكلمته فقال : يا بنية ألا تحبين ما أحب ؟ قالت : بلى فرجعت إليهن فأخبرتهن فقلن ارحعي فأبت أن ترجع فأرسلن زينب بنت جحش فأتته فأغلظت وقالت : إن نسائك ينشدنك الله العدل في بنت أبى قحافةفرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهى قاعدة فسبتها حتى إن رسول الله لينظر إلى عائشة هل تكلم قال : فتكلمت عائشة ترد على زينب بنت جحش حتى أسكتها قالت فنظر النبي إلى عائشة وقال : إنها بنت أبى بكر
حادثة الإفك
هى القصة التى أشاعها بعض المنافقين عن السيدة عائشة رضى الله عنها وعلى رأسهم عبد الله ابن أبي بن سلول زعيم المدينة الموتور وخلاصة القصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج بعائشة في غزوة بنى المصطلق ولما رجع بعد انتصاره نزل منزلاً طلباً للراحة ثم أذن بالرحيل وتصادف ان السيد ةعائشة خرجت لبعض حاجاتها وفى عنقها عقد لها فلما عادت إلى الرحل تحسست عقدها فلم تجدها لأنه انفرط منها حيث لا تشعر فلما عادت لتبحث عنه تحرك القوم في نفس اللحظة ودون أن تحس الجماعة الموكولون بجملها أنها ليست فى الهودج لخفة حملها وعادت رضى الله عنها إلى المعسكر فلم تجد أحداً فتلففت بثوبها واضجعت في مكانها في هذه اللحظة مر صفوان بن المعطل السلمى والذى كان يتخلف عن المعسكر عسى أن يجد شيئاَ متروكاً يحمله إلى صاحبه فوجد أم المؤمنين فاسترجع ثم قرب إليها البعير فركبت وعاد بها إلى المدينة فأدركت الركب وانتهت القصة عادية فانتهزها عبد الله بن أبي بن سلول فرصة للكيد للإسلام في شخص الرسول فأطلق شائعاته حول هذا الموقف حتى قيل حينما مر على صفوان بالسيدة عائشة فى الهودج قال بن سلول : والل ما نجت منه ولا نجى منها فتلقتها ألسنة مغرضة أو غافلة فطارت بها كل مطار .قال أسامة : أمسك أهلك يا سول الله فوالله ما علمنا عنهم إلا خيراً اما على : فقال : يا رسول الله لا تحزن لم يضيق الله عليك والنساء غيرها كثير وقالت زينب أحمى سمعى وبصرى يا رسول الله لا أعلم عنها إلا خيراوقالت بريرة : ما رأيت شيئاً آخذه عليها سوى أنها جارية حديثة السن تنام على العجين فتاتى الداجن فتأكله
بعد سريان الشائعة صعد رسول الله المنبر فقال : يا معشر المسلمين من يعذرنى في رجل هو ابن سلول بلغنى أذاه في أهلى والله ما علمت على اهلى إلا خيراً ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيراً وما كان يدخل على أهلى إلا معى .كل لك الموج العالي من الشائعات ورسول الله صابر محتسب ينتظر الفرج لم يتخذ قرارا بشأن زوجته ولا أعرض عنها وإنما تلخص موقفه فيما روته عائشة جينما قالت : وكان الذى يريبنى في وجعى أنى لا أعرف من رسول الله اللطف الذى كنت أرى منه حين أشتكى ثم قالت :فبينما ابواي جالسان عندى وأنا أبكى دخل رسول الله علينا فسلم ثم جلس ولم يجلس عندى منذ قيل ما قيل فتشهد رسول الله حين جلس ثم قال : إنه بلغنى عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاتغفري الله وتوبى إليه .فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه . فلما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي : أجب عن رسول الله فيما قال . فقال أبي : والله ما أرى ما أقول لرسول الله .فقلت لأمي : أجيبى عنى رسول الله فيما قال . قالت أمى : فوالله ما أدرى ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت عائشة : فقلت وأنا جارية حديثة السن في السادسة عشرة من عمرها - لا أقرأ القرآن كثيرا : إنى والله علمت .. لقد سمعتم هذا الحديث حيث استقر في أنفسكم وصدقتم به . فلئن قلت أنى بريئة لا تصدقون .. ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم انى بريئة منه - لتصدقنى . فوالله لا أجد لى ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال : فصبر جميل والله المستعان على ما يصفون . وكما برأ الله يوسف عليه السلام ..برأ عائشة رضى الله عنها بقرآن يتلى .. وما كانت تطمع في أكثر من رؤيا يراها رسول الله تبرىء ساحتها .. لظنها أنها أقل من ان ينزل في شأنها قرآن .. بيد أن الأيات تنزلت فغسلت همومها .. بل هموم المسلمين جميعاً . فلما سٌرى عن رسول الله وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال : يا عائشة : إن الله قد برأك !! فقالت لى أمى قومي إليه فقلت : لا والله لا أقوم إليه فأنى لا أحمد إلا الله عز وجل : هو الذى أنزل براءتى

وما زال الحديث ممتد عنها رضى الله عنها وأرضاها
كرمها وزهدها رضى الله عنها
عن عطاء قال : بعث معاوية إلى عائشة بطوق من ذهب فيه جوهر قوم بمائة ألف فقسمته بين أزواج النبى صلى الله عليه وسلم . رآها رسول الله تبكى في آخر أيامه في الدنيا فيقول لها : ما يبكيك ؟ إن كنت تريد اللحوق بي فليكفك من الدنيا مثل ذاد الراكب وإياك ومجالسة الأغنياء . ولا تستخلفي ثوباً حتى ترقعيه وقد أخذت هذا الحديث دستوراً لها خاصة يوم فاض المال حتى ضاقت به خظائن الدولة وعم خيره المة وخاصة أمهات المؤمنين والسابقين من المهاجرين والأنصار في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فكانت رضى الله عنها مثال للتواضع والكرم . من ذلك ما روته أم دره وكانت تغشى عائشة قالت : بعث إليها ابن الزبير بمال فر غرارتين قالت : أراه ثمانين ومائة ألف فدعت بطبق وهى يومئذ صائمة فجلست تقسمه بين الناس فأمست وما عندها من ذلك درهم فلما امست قالت : يا جارية هلمي فطرى . فجاءتها بخبز وزيت فقالت لها أم درة أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا بدرهم لحما نفطر عليه ؟ فقالت لها : لا تعنفينى لو كنت ذكرتنى لفعلت
خوفها من الله تعالى
مما يدل على شدة خوفها من الله أنها تمنت أن تكون نسياً منسيا فلقد جاء ابن عباس رضى الله عنها ليستأذن على عائشة وهى في الموت فعن أبي مليكة : أن ذاكوان - أبا عمرو -حدثه قال جاء ابن عباس رضى الله عنهما يستأذن على عائشة في الموت . قال : فجئت وعند رأسها عبد الله ابن أخيها عبد الرحمن . فقلت : هذا ابن عباس ييستأذن . قالت : دعنى من ابن عباس ولاحاجة لى به ولا بتزكيته فقال : عبد الله يا أمة إن ابن عباس من صالحى بنيك يودعك ويسلم عليك . قالت : فائذن له إن شئت قال: فجاء ابن عباس فلما قعد قال : أبشرى فوالله ما بينك وبين ان تفارقي كل نصب وتلقى محمد صلى الله عليه وسلم وأحبة إلا أن تفارق روحك جسدك قالت : إيها يا ابن عباس ! قال : كنت أحب نساء رسول الله إليه ولم يكن يحب إلا طيبا سقطت قلادتك يووم الأبواء وأصبح رسول ليلقطها فأصبح الناس ليس معهم ماء فأنزل الله تعال (فتيمموا صعيدا طيبا) فكان ذلك من سببك وما أنزل الله بهذه الأمة من الرخصة ثم أنزل الله برائتك من فوق سبع سموات فأصبح ليس مسجد من مساجد يذكر فيها الله إلا براءتك تتلى في آناء الليل والنهار . قالت : دعنى عنك يا ابن عباس فوالله أنى لوددت أنى كنت نسياً منسيا .ومما يدل على شدة خوفها من الله انها زوجة نبيه - يقول القاسم بن محمد رحمه الله : كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة وهى خالته أسلم عليها فغدوت يوماً فإذا هى قااعدة تسبح وتقرأ : (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) وتدعو وتبكى وترددها فقمت حتى مللت القيام فذهبت إلى السوق لحاجتى ثم رجعت فإذا هى قائمة كما هى تصلى وتبكى
غزارة علمها رضى الله عنها
يقول الصحابى الجليل أبو موسى الأشعري رضى الله عنه : ما أشكل علينا أصحاب رسول الله حديثاً قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً . وعن مسورق قال : نحلف بالله لقد رأينا الأكابر من أصحاب رسول الله صلىى الله عليه وسلم يسألون عائشة عن الفرائض .وعن هشام ابن عروة عن أبيه قال : لقد صحبت عائشة فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآية اأنزلت ولا بفريضة ولا بسنة ولا بشعر ولا أروى له ولا بيوم من أيام العرب ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا بطب منها فقلت لها : يا خالة الطب أين عُلمته ؟ فقالت : كنت أمرض فيوصف لي الشيء ويمرض المريض فيوصف له وأسمع الناس يصف لبعضهم البعض فأحفظه . وقال الزهرى : لو جمع علم عائشة إلى على جميع أزواج رسول الله وجميع النساء لكان علم عائشة رضى الله عنها أكثر
فصاحتها وبلاغتها رضى الله عنها
لقد كانت رضى الله عنها فصيحة اللسان فصاحة كانت مثاراً للعجب وكانت فوق هذا وذاك تتمثل بالشعر وترويه وكانت خطيبة بليغة جهورية الصوت وقد شهد ببلاغتها وفصاحتها الكثيرون من هؤلا الأحنف بن قيس أشعر الناس في عصره فلقد قال سمعت خطبة أبى بكر الصديق وعمر ابن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب فما سمعت الكلام من فم مخلوق أحسن ولا أفخم من فم عائشة
وعن سفيان قال : سأل معاوية زيادا : أى الناس أبلغ ؟ قال : أنت يا أمير المؤمنين : قال : أعزم عليك قال إذا عزمت على فعائشة - يقصد أبلغ الناس - فقال معاوية : ما فتحت بابا قط تريد أن تغلقه إلا أغلقته ولا أغلقت بابا قط تريد أن تفتحه إلا فتحته هذا ولقد كان لها رضى الله عنها كلما تذهب مذهب الحكم والأمثال فمن ذلك : من سره أن يسبق الدائب المجتهد فيكف نفسه عن كثرة الذنوب فإنكم لن تلقوا الله بشىء خير لكم من قلة الذنوب
وفاتها رضى الله عنها
بعد حياة ملؤها الإخلاص والإيمان مرضت السيدة عائشة رضى الله عنها فعادها ابن عباس رضى الله عنهما وقال : يا أم المؤمنين تقدمين على فراط صدق رسول الله وعلى أبى بكر أبشري يا أم المؤمنين ما بينك وبين أن يذهب عنك كل أذى ونصب وتلقى الأحبة محمدا وحزبه إلا أن تفارق روحك جسدك فقالت دعنى يا ابن عباس فوالله لوددت أنى كنت نسياً منسياً ثم توفيت رضى الله عنها في السادسة والستين من عمرها بعد أن تركت أعمق الأثار في الحياة الفقهية والاجتماعية والسياسية للمسلمين وحفظت لهم الآف الآثار من صحيح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ألفان ومائتين وعشرة أحاديث فى الكتب الستة .اتفق الشيخان البخاري ومسلم منها على مائة وأوربع وسبعين حديثاً وأكثر الرواة عنها عبد الله بن عمر بن الخطاب وأبوه وأبو هريرة وابن عباس وابن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وكان مروان إذا حدث عنها قال " حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله
وكانت وفاتها على الأرجح ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة مضين من رمضان سنة سبع وخمسين وصلى عليها أبو هريرة ثم شيعت جنازتها في غسق الليل إلى البقيع كما أوصت على أضواء مشاعل من جريد مغموس في الزيت وسارت الجموع من ورائها باكية معولة فلم تر ليلة أكثر ناسا منها . وفي صحيح البخاري أن عائشة رضى الله عنها أوصت عبد الله بن الزبير ابن اختها أن يدفنها مع صواحبها بالبقيع . ونزل معها إلى القبر ولدا اختها أسماء عبد الله وعروة ابنا الزبير والقاسم وعبد الله ابنا أخيها عبد الرحمن وكلهم من رواة الحديث عنها
ونامت أخيراً وخلفت الدنيا من ورائها ساهرة فيها والتاريخ مشغولاً برصد دقائق حياتها منذ كانت في السادسة من عمرها معنياً بتتبع حركاتها وسكناتها وكلماتها طوال العوام الستين التى عاشتها ملء الحياة
رضى الله عنها وأرضاها
وطيب ثراها
وجعل الجنة مثواها
نقلا عن كتاب زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم