حمزة بن عبد المطلب .. أسد الله الغالب وسيد الشهداء
4 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
ياسر الأهلاوى عضو مميز
عدد الرسائل : 108 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/02/2009
موضوع: حمزة بن عبد المطلب .. أسد الله الغالب وسيد الشهداء الثلاثاء 10 فبراير 2009 - 12:24
حمزة بن عبد المطلب .. أسد الله الغالب وسيد الشهداء كانت مكة تغط في نومها ٬ بعد يوم مليء بالسعي ٬ وبالكد ، وبالعبادة وباللهو والقرشيون يتقلبون في مضاجعهم هاجعين.. غير واحد هناك يتجافى عن المضجع جنباه ٬ يأوي الى فراشه مبركا ٬ ويستريح ساعات قليلة ٬ ثم ينهض في شوق عظيم ٬ لأنه مع الله على موعد ٬ فيعمد الى مصلاه في حجرته ٬ ويظل يناجي ربه ويدعوه.. وكلما استيقظت زوجته على أزير صدره الضارع وابتهالاته الحا رة والملحة ٬ وأخذتها الشفقة عليه ٬ ودعته أن يرفق بنفسه ويأخذ حظه من النوم ٬ يجيبها ودموع عينيه تسابق كلماته: " لقد انقضى عهد النوم يا خديجة"..!! لم يكن أمره قد أ رق قريش بعد ٬ وان كان قد بدأ يشغل انتباهها ٬ فلقد كان حديث عهد بدعوته ٬ وكان يقول كلمته سرا وهمسا. كان الذين آمنوا به يومئذ قليلين جدا.. وكان هناك من غير المؤمنين به من يحمل له كل الحب والاجلال ٬ ويطوي جوانحه على شوق عظيم الى الايمان به والسير في قافلته المباركة ٬ لا يمنعه سوى مواضعات العرف والبيئة ٬ وضغوط التقاليد والوراثة ٬ والتردد بين نداء الغروب ٬ ونداء الشروق. من هؤلاء كان حمزة بن عبد المطلب.. عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة . كان حمزة يعرف عظمة ابن أخيه وكماله.. وكان على بينة من حقيقة أمره ٬ وجوهر خصاله.. فهو لا يعرف معرفة العم بابن أخيه فحسب ٬ بل معرفة الأخ بالأخ ٬ والصديق بالصديق.. ذلك أن رسول الله وحمزة من جيل واحد ٬ وسن متقاربة. نشأ معا وتآخيا معا ٬ وسارا معا على الدرب من أوله خطوة خطوة.. ولئن كان شباب كل منهما قد مضى في طريق ٬ فأخذ حمزة يزاحم أنداده في نيل طيبات الحياة ٬ وافساح مكان لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش.. في حين عكف محمد على اضواء روحه التي انطلقت تنير له الطريق الى الله وعلى حديث قلبه الذي نأى به من ضوضاء الحياة الى التأمل العميق ٬ والى التهيؤ لمصافحة الحق وتلقيه..نقول لئن كان شباب كل منهما قد اتخذ وجهة مغايرة ٬ فان حمزة لم تغب عن وعيه لحظة من نهار فضائل تربه وابن أخيه.. تلك الفضائل والمكارم التي كانت تحل لصاحبها مكانا عليا في أفئدة الناس كافة ٬ وترسم صورة واضحة لمستقبله العظيم. في صبيحة ذلك اليوم ٬ خرج حمزة كعادته.وعند الكعبة وجد نفرا من أشراف قريش وساداتها فجلس معهم ٬ يستمع لما يقولون..وكانوا يتحدثون عن محمد..ولأول مرة رآهم حمزة يستحوذ عليهم القلق من دعوة ابن أخيه.. تظهر في أحاديثهم عنه نبرة الحقد ٬ والغيظ والمرارة. لقد كانوا من قبل لا يبالون ٬ أو هم يتظاهرون بعدم الاكتراث واللامبالاة. أما اليوم ٬ فوجوههم تموج موجا بالقلق ٬ والهم ٬ والرغبة في الافتراس.وضحك حمزة من أحاديثهم طويلا.. ورماهم بالمبالغة ٬ وسوء التقدير.. وعقب أبو جهل مؤكدا لجلسائه أن حمزة أكثر الانس علما بخطر ما يدعو اليه محمد ولكنه يريد أن يهون الأمر حتى تنام قريش ٬ ثم تصبح يوما وقد ساد صاحبه ٬ وظهر أمر ابن أخيه عليها ومضوا في حديثهم يزمجرون ٬ ويتوعدون.. وحمزة يبتسم تا رة ٬ ويمتعض أخرى ٬ وحين انفض الجميع وذهب كل الى سبيله ٬ كان حمزة مثقل الرأس بأفكار جديدة ٬ وخواطر جديدة. راح يستقبل بها أمر ابن أخيه ٬ ويناقشه مع نفسه من جديد ومضت الأيام ٬ ينادي بعضها بعضا ومع كل يوم تزداد همهمة قريش حول دعوة الرسول..ثم تتحول همهمة قريش الى تحرش. وحمزة يرقب الموقف من بعيد..ان ثبات ابن أخيه ليبهره.. وان تفانيه في سبيل ايمانه ودعوته لهو شيء جديد على قريش كلها ٬ برغم ما عرفت من تفان وصمود.ولو استطاع الشك يومئذ أن يخدع أحدا عن نفسه في صدق الرسول وعظمة سجاياه ٬ فما كان هذا الشك بقادر على أن يجد الى وعي حمزة منفذاً أو سبيلا فحمزة خير من عرف محمدا ٬ من طفولته الباكرة ٬ الى شبابه الطاهر ٬ الى رجولته الأمينة .. انه يعرفه تماما كما يعرف نغسه ٬ بل أكثر مما يعرف نفسه ٬ ومنذ جاءا الى الحياة معا ٬ وترعرعا معا ٬ وبلغا رشدهما معا ٬ وحياة محمد كلها نقية كأشعة الشمس..!! لا يذكر حمزة شبهة واحدة ألمت بهذه الحياة ٬ لا يذكر أنه رآه يوما غاضبا ٬ أو قانطا ٬ أو طامعا ٬أو لاهيا ٬ أو مهزوزا. وحمزة لم يكن يتمتع بقوة الجسم فحسب ٬ بل وبرجاحة العقل ٬ وقوة الارادة أيضا.. ومن ثم لم يكن من الطبيعي أن يتخلف عن متابعة انسان يعرف فيه كل الصدق وكل الأمانة.. وهكذا طوى صدره الى حين على أمر سيتكشف في يوم قريب وجاء اليوم الموعود .. إسلامه رضى الله عنه وخرج حمزة من داره ٬متوشحا قوسه ٬ ميمما وجهه شطر الفلاة ليمارس هوايته المحببة ٬ ورياضته الأثيرة ٬ الصيد.. وكان صاحب مهارة فائقة فيه.. وقضى هناك بعض يومه ٬ ولما عاد من قنصه ٬ ذهب كعادته الى الكعبة ليطوف بها قبل أن يقفل راجعا الى داره. وقريبا من الكعبة ٬ لقته خادمة لعبدالله بن جدعان.. ولم تكد تبصره حتى قالت له: " يا أبا عمارة.. لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا ٬ من أبي الحكم بن هشام.. وجده جالسا هناك ٬ فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره".. ومضت تشرح له ما صنع أبو جهل برسول الله.. واستمع حمزة جيدا لقولها ٬ ثم أطرق لحظة ٬ ثم مد يمينه الى قوسه فثبتها فوق كتفه.. ثم انطلق في خطى سريعة حازمة صوب الكعبة راجيا أن يلتقي عندها بأبي جهل.. فان هو لم يجده هناك ٬ فسيتابع البحث عنه في كل مكان حتى يلاقيه.. ولكنه لا يكاد يبلغ الكعبة ٬ حتى يبصر أبا جهل في فنائها يتوسط نفرا من سادة قريش.. وفي هدوء رهيب ٬ تقدم حمزة من أبي جهل ٬ ثم استل قوسه وهوى به على رأس أبي جهل فشجه وأدماه ٬ وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة ٬ صاح حمزة في أبي جهل: " أتشتم محمدا ٬ وأنا على دينه أقول ما يقول..؟! الا فرد ذلك علي ان استطعت".. وفي لحظة نسي الجالسون جميعا الاهانة التي نزلت بزعيمهم أبي جهل والدم لذي ينزف من رأسه ٬ وشغلتهم تلك الكلمة التي حاقت بهم كالصاعقة.. الكلمة التي أعلن بها حمزة أنه على دين محمد يرى ما يراه ٬ ويقول ما يقوله.. أحمزة يسلم..؟ أعز فتيان قريش وأقواهم شكيمة..؟؟ انها الطا مة التي لن تملك قريش لها دفعا.. فاسلام حمزة سيغري كثيرين من الصفوة بالاسلام ٬ وسيجد محمد حوله من القوة والبأس ما يعزز دعوته ويشد ازره ٬ وتصحو قريش ذات يوم على هدير المعاول تحطم أصنامها وآلهتها..!! أجل أسلم حمزة ٬ وأعلن على الملأ الأمر الذي كان يطوي عليه صدره ٬ وترك الجمع الذاهل يجتر خيبة أمله ٬ وأبا جهل يلعق دماءه النازفة من رأسه المشجوج.. ومد حمزة يمينه مرة أخرى الى قوسه فثبتها فوق كتفه ٬ واستقبل الطريق الى داره في خطواته الثابتة ٬ وبأسه الشديد ، كان حمزة يحمل عقلا نافذا ٬ وضميرا مستقيما وحين عاد الى بيته ونضا عنه متاعب يومه. جلس يفكر ٬ ويدير خواطره على هذا الذي حدث له من قريب.. كيف أعلن اسلامه ومتى..؟ لقد أعلنه في لحظات الحمية ٬ والغضب ٬ والانفعال..لقد ساءه أن يساء الى ابن اخيه ٬ ويظلم دون أن يجد له ناصرا ٬ فيغضب له ٬ وأخذته الحمية لشرف بني هاشم ٬ فشج رأس أبي جهل وصرخ في وجهه باسلامه...ولكن هل هذا هو الطريق الأمثل لكي يغادر الانسان دين آبائه وقومه... دين الدهور والعصور.. ثم يستقبل دينا جديدا لم يختبر بعد تعاليمه ٬ ولا يعرف عن حقيقته الا قليلا.. صحيح أنه لا يشك لحظة في صدق محمد ونزاهة قصده..ولكن أيمكن أن يستقبل امرؤ دينا جديدا ٬ بكل ما يفرضه من مسؤوليات وتبعات ٬ في لحظة غضب ٬ مثلما صنع حمزة الآن.؟ وشرع يفكر.. وقضى أياما ٬ لا يهدأ له خاطر.. وليالي لا يرقأ له فيها جفن..وحين ننشد الحقيقة بواسطة العقل ٬ يفرض الشك نفسه كوسيلة الى المعرفة. وهكذا ٬ لم يكد حمزة يستعمل في بحث قضية الاسلام ٬ ويوازن بين الدين القديم ٬ والدين الجديد ٬ حتى ثارت في نفسه شكوك أرجاها الحنين الفطري الموروث الى دين آبائه.. والتهيب الفطري الموروث من كل جيد.. واستيقظت كل ذكرياته عن الكعبة ٬ وآلهاها وأصنامها... وعن الأمجاد الدينية التى أفامتها هذه الآلهة المنحوتة على قريش كلها ٬ وعلى مكة بأسرها. لقد كان يطوي صدره على احترام هذه الدعوة الجديدة التي يحمل ابن أخيه لواءها.. ولكن اذا كان مقدورا له أن يكون أحد أتباع هذه الدعوة ٬ المؤمنين بها ٬ والذائدين عنها.. فما الوقت المناسب للدخول في هذا الدين..؟ لحظة غضب وحمية..؟ أم أوقات تفكير وروية..؟ وهكذا فرضت عليه استقامة ضميره ٬ ونزاهة تفكيره أن يخضع المسألة كلها من جديد لتفكر صارم ودقيق.. وبدأ الانسلاخ من هذا التاريخ كله.. وهذا الدين القديم العريق ٬ هوة تتعاظم مجتازها.. وعجب حمزة كيف يتسنى لانسان أن يغادر دين آبائه بهذه السهولة وهذه السرعة.. وندم على ما فعل.. ولكنه واصل رحلة العقل.. ولما رأى أن العقل وحده لا يكفي لجأ الى الغيب بكل اخلاصه وصدقه..وعند الكعبة ٬ كان يستقبل السماء ضارعا ٬ مبتهلا ٬ مستنجدا بكل ما في الكون من قدرة ونور ٬ كي يهتدي الى الحق والى الطريق المستقيم..ولنضع اليه وهو يروي بقية النبأ فيقول: ".. ثم أدركني الندم على فراق دين آبائي وقومي.. وبت من الشك في أمر عظيم ٬ لا أكتحل بنوم.. ثم أتيت الكعبة ٬ وتضرعت إلى الله أن يشرح صدري للحق ٬ ويذهب عني الريب.. فاستجاب الله لي وملأ قلبي يقينا.. وغدوت الى رسول الله صلى الل عليه وسلم فأخبرته بما كان من أمري ٬ فدعا الله أن يثبت قلبي على دينه.." وهكذا أسلم حمزة اسلام اليقين
ياسر الأهلاوى عضو مميز
عدد الرسائل : 108 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/02/2009
موضوع: رد: حمزة بن عبد المطلب .. أسد الله الغالب وسيد الشهداء الثلاثاء 10 فبراير 2009 - 12:26
وللحديث بقية عن أسد الله وأسد رسوله أعز الله الإسلام بحمزة أعز الله الاسلام بحمزة ، ووقف شامخا قويا يذود عن رسول الله ٬ وعن المستضعفين من أصحابه.. ورآه أبو جهل يقف في صفوف المسلمين ٬ فأدرك أنها الحرب لا محالة ٬ وراح يحرض قريشا على انزال الأذى بالرسول وصحبه ٬ ومضى يهيء لحرب أهلية يشفي عن طريقها مغايظة وأحقاده.. ولم يستطع حمزة أن يمنع كل الأذى ولكن اسلامه مع ذلك كان وقاية ودرعا.. كما كان اغراء ناجحا لكثير من القبائل التي قادها اسلام حمزة أولا. ثم اسلام عمر بن الخطاب بعد ذلك الى الاسلام فدخلت فيه أفواجا..!! ومنذ أسلم حمزة نذر كل عافيته ٬ وبأسه ٬ وحياته ٬ لله ولدينه حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم: "أسد الله ٬ وأسد رسوله".. وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء عدو ٬ كان أميرها حمزة.. وأول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت لحمزة.. ويوم التقى الجمعان في غزوة بدر ٬ كان أسد الله ورسوله هناك يصنع الأعاجيب وعادت فلول قريش من بدر الى مكة تتعثر في هزيمتها وخيبتها ورجع أبو سفيان مخلوع القلب ٬ مطأطئ الراس. وقد خلف على أرض المعركة جثث سادة قريش ٬ من أمثال أبي جهل.. وعتبة بن ربيعة ٬وشيبة بن ربيعة ٬ وأمية بن خلف. وعقبة بن أبي معيط.. والأسود بن عبدالله المخزومي ٬ والوليد بن عتبة.. والنفر بن الحارث.. والعاص بن سعيد.. وطعمة ابن عدي.. وعشرات مثلهم من رجال قريش وصناديدها. وما كانت قريش لتتجرع هذه الهزيمة المنكرة في سلام... فراحت تعد عدتها وتحشد بأسها ٬ لتثأر لنفسها ولشرفها ولقتلاها وصممت قريش على الحرب وجاءت غزوة أحد حيث خرجت قريش على بكرة أبيها ٬ ومعها حلفاؤها من قبائل العرب ٬ وبقيادة أبي سفيان مرة أخرى. وكان زعماء قريش يهدفون بمعركتهم الجديدة هذه الى رجلين اثنين: الرسول صلى اله عليه وسلم ٬ وحمزة رضي الله عنه وأرضاه ، أجل والذي كان يسمع أحاديثهم مؤامراتهم قبل الخروج للحرب ٬ يرى كيف كان حمزة بعد الرسول بيت القصيد وهدف المعركة.. ولقد اختاروا قبل الخروج ٬ الرجل الذي وكلوا اليه أمر حمزة ٬ وهو عبد حبشي ٬ كان ذا مهارة خارقة في قذف الحربة ٬ جعلوا كل دوره في المعركة أن يتصيد حمزة ويصوب اليه ضربة قاتلة من رمحه ٬ وحذروه من أن ينشغل عن هذه الغاية بشيء آخر ٬ مهما يكن مصير المعركة واتجاه القتال. ووعدوه بثمن غال وعظيم هو حر يته فقد كان الرجل واسمه وحشي عبدا لجبير بن مطعم.. وكان عم جبير قد لقي مصرعه يوم بدر فقال له جبير اخرج مع الناس وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق ثم أحالوه الى هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان لتزيده تحريضا ودفعا الى الهدف الذي يريدون.. وكانت هند قد فقدت في معركة بدر أباها ٬ وعمها ٬ وأخاها ٬ وابنها.. وقيل لها ان حمزة هو الذي قتل بعض هؤلاء ٬ وأجهز على البعض الآخر. من أجل هذا كانت أكثر القرشيين تحريضا على الخروج للحرب ٬ لا لشيء الا لتظفر برأس حمزة مهما يكن الثمن الذي تتطلبه المغامرة.ولقد لبثت أياما قبل الخروج للحرب ٬ ولا عمل لها الا افراغ كل حقدها في صدر وحشي ورسم الدور الذي عليه أن يقوم به.. ولقد وعدته ان هو نجح في قتل حمزة بأثمن ما تملك المرأة من متاع وزينة ٬ فلقد أمسكت بأناملها الحاقدة قرطها اللؤلؤي الثمين وقلائدها الذهبية التي تزدحم حول عنقها ٬ ثم قالت وعيناها تحدقان في وحشي:" كل هذا لك ٬ ان قتلت حمزة" وسال لعاب وحشي ٬ وطارت خواطره تواقة مشتاقة الى المعركة التي سيربح فيها حر يته ٬ فلا يصير بعد عبدا أو رقيقا ٬ والتي سيخرج منها بكل هذا الحلي الذي يزين عنق زعيمة نساء قريش ٬ وزوجة زعيمها ٬ وابنة سيدها كانت المؤامرة إذن وكانت الحرب كلها تريد حمزة رضي الله عنه بشكل واضح وحاسم وجاءت غزوة أحد والتقى الجيشان. وتوسط حمزة أرض الموت والقتال ٬ مرتديا لباس الحرب ٬ وعلى صدره ريشة النعام التي تعود أن يز ين بها صدره في القتال وراح يصول ويجول ٬ لا يريد رأسا الا قطعه بسيفه ٬ ومضى يضرب في المشركين ٬ وكأن المنايا طوع أمره ٬ يقف بها من يشاء فتصيبه في صميمه.!! وصال المسلمون جميعا حتى قاربوا النصر الحاسم.. وحتى أخذت فلول قريش تنسحب مذعورة هاربة ولولا أن ترك الرماة مكانهم فوق الجبل ٬ ونزلوا الى أرض المعركة ليجمعوا غنائم العدو المهزوم.. لولا تركهم مكانهم وفتحوا الثغرة الواسعة لفرسان قريش لكانت غزوة أحد مقبرة لقريش كلها ٬ رجالها ٬ ونسائها بل وخيلها وابلها..!! لقد دهم فرسانها المسلمين من ورائهم على حين غفلة ٬ واعملوا فيهم سيوفهم الظامئة المجنونة.. وراح المسلمون يجمعون أنفسهم من جديد ويحملون سلاحهم الذي كان بعضهم قد وضعه حين رأى جيش محمد ينسحب ويولي الأدبار.. ولكن المفاجأة كانت قاسية عنيفة. ورأى حمزة ما حدث فضاعف قوته ونشاطه وبلاءه.. وأخذ يضرب عن يمينه وشماله.. وبين يديه ومن خلفه.. ووحشي هناك يراقبه ٬ ويتحين الفرصة الغادرة ليوجه نحنوه ضربته.. ولندع وحشا يصف لنا المشهد بكلماته: [.. وكنت رجلا حبشيا ٬ أقذف بالحربة قذف الحبشة ٬ فقلما أخطئ بها شيئا.. فلما التقى الانس خرجت أنظر حمزة وأتبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق.. يهد الناس بسيفه هدا ٬ ما يقف امامه شيء ٬ فوالله اني لأتهيأ له أريده ٬ وأستتر منه بشجرة لأقتحمه أو ليدنو مني ٬ اذ تقدمني اليه سباع بن عبد العزى. فلما رآه حمزة صاح به: هلم ال ي يا بن مقطعة البظرو. ثم ضربه ضربة فما أخطأ رأسه.. عندئذ هززت حربتي حتى اذا رضيت منها دفعتها فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه.. ونهض نحوي فغلب على امره ثم مات.. وأتيته فأخذت حربتي ٬ ثم رجعت الى المعسكر فقعدت فيه ٬ اذ لم يكن لي فيه حاجة ٬ فقد قتلته لأعتق ولا بأس في أن ندع وحشيا يكمل حديثه: [فلما قدمت مكة أعتقت ٬ ثم أقمت بها حتى دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فهربت الى الطائف.. فلما خرج وفد الطائف الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم تعيت علي المذاهب. وقلت : الحق بالشام أو اليمن أو سواها.. فوالله اني لفي ذلك من همي اذ قال لي رجل: ويحك ان رسول الله ٬ والله لا يقتل أحد من الناس يدخل دينه.. فخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلم يرني الا قائما أمامه أشهد شهادة الحق. فلما رآني قال: أوحشي أنت..؟ قلت: نعم يا رسول الله.. قال: فحدثني كيف قتلت حمزة ٬ فحدثته.. فلما فرغت من حديثي قال: ويحك.. غيب عني وجهك.. فكنت أتنكب طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان ٬ لئلا يراني حتى قبضه الله اليه.. فلما خرج المسلمون الى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم ٬ وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة.. فلما التقى الانس رأيت مسيلمة الكذاب قائما ٬ في يده السيف ٬ فتهيأت له ٬ وهززت حربتي ٬ حتى اذا رضيته منها دفعتها عليه فوقعت فيه.. فان كنت قد قتلت بحربتي هذه خير الناس وهو حمزة.. فاني لأرجو أن يغفر الله لي اذ قتلت بها شر الناس مسيلمة]. هكذا سقط أسد الله ورسوله ٬ شهيدا مجيدا وكما كانت حياته مدوية ٬ كانت موتته مدوية كذلك.. فلم يكتف أعداؤه بمقتله.. وكيف يكتفون أو يقتنعون ٬ وهم الذين جندوا كل أموال قريش وكل رجالها في هذه المعركة التي لم يريدوا بها سوى الرسول وعمه حمزة.. لقد أمرت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان.. أمرت وحشيا أن يأتيها بكبد حمزة.. واستجاب الحبشي لهذه الرغبة المسعورة.. وعندما عاد بها الى هند كان يناولها الكبد بيمناه ٬ ويتلقى منها قرطها وقلائدها بيسراه ٬ مكافأة له على انجاز مهمته ومضغت هند بنت عتبة الذي صرعه المسلمون ببدر ٬ وزوجة أبي سفيان قائد جيوش الشرك الوثنية ٬مضغت كبد حمزة ٬ راجية أن تشفي تلك الحماقة حقدها وغلها. ولكن الكبد استعصت على أنيابها ٬ وأعجزتها أن تسيغها ٬ فأخرجتها من فمها ٬ ثم علت صخرة مرتفعة ٬ وراحت تصرخ قائلة: نحن جزيناكم بيوم بدر والحرب بعد الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر ولا أخي وعمه وبكري شفيت نفسي وقضيت نذري أزاح وحشي غليل صدري نقلا عن كتاب رجال حول الرسول للكاتب الكبير خالد محمد خالد
lola عضو مميز
عدد الرسائل : 352 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 07/02/2009
موضوع: رد: حمزة بن عبد المطلب .. أسد الله الغالب وسيد الشهداء الأربعاء 11 فبراير 2009 - 9:02
جزاك الله خيرا واثابك علينا
Tameraly1101 المشرف العام
عدد الرسائل : 115 تاريخ التسجيل : 01/02/2009
موضوع: رد: حمزة بن عبد المطلب .. أسد الله الغالب وسيد الشهداء الثلاثاء 24 فبراير 2009 - 9:01
جزاك الله خيرا على هذه المعلومات العظيمة وعلى المجهود الكبير واسأل الله ان يجعل هذا الجهد فى ميزان حسناتك إنه سميع قريب مجيب الدعاء
رانيا عضو مميز
عدد الرسائل : 69 العمر : 39 تاريخ التسجيل : 09/02/2009
موضوع: رد: حمزة بن عبد المطلب .. أسد الله الغالب وسيد الشهداء الجمعة 6 مارس 2009 - 23:38
جزاك الله خيرا
حمزة بن عبد المطلب .. أسد الله الغالب وسيد الشهداء